تحذير من خطورة الكلام فى الدين بدون علم

من طرف **Admin** الأربعاء أبريل 17, 2013 12:32 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد
فأول ما نبدأ به اليوم أن أذكر نفسي وإياكم أن نخلص النية لله وحده
ونسأل الله أن يرزقنا علما نافعا
وعملا صالحا ونية خالصة لوجهه الكريم
فلا يبعد عن ناظري المسلم حقيقة
جرم القول على الله بغير علم ،
و التحدث في باب العلوم الشرعية دون فهم أو رويّة ،
وللأسف الشديد قد انتشرت هذه الظاهرةانتشار النار في الهشيم
فى المنتديات والمواقع ان من اخطاء بعض الناس دخولهم الى المنتديات الشرعية
ليس للقراءة والاستفادة وانما يسجلون كاعضاء ويبداون النقاش
والجدل في امور الشرع وهم ليس عندهم العلم الشرعي الكافي
ومجادلتهم في المسائل الشرعية
بدون علم وهذا لايجوز شرعا
وقد أخبرنا الله تعالى بخطورة مثل هذا الأمر, حين يتكلم الناس بغير علم
وما يترتب على ذلك من مفاسد,
يقول عز وجل فى سورة الأنعام
"وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ
وَإِنْ هُمْ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ "
الانعام :116
وعن الذين يحللون ويحرمون بغير علم,
يقول رب العزة
(وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ
هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)
(النحل:116 )
قال تعالى
"وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"
والتحذير من الكلام بغير علم ,
واضح وصريح فى هذة الأية الكريمة:
"وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ
وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً"
(الاسراء:36)
وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ....
فما بالكم بمن يصحح ويضعف ويفتى
فى دين الله ويفسر النصوص الشرعية بالهوى,
وبمجرد الإنتقاء الشخصى
والمزاج النفسى والمصلحة المادية
قد حرَّم الله القول عليه بغير علم؛
وقال تعالى
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ
يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
[الأعراف: 33]
فجعل الله القول عليه بغير علم فوق مرتبة الشرك
لعظم خطره وما يترتب عليه من المفاسد العظيمة
قال شيخ الاسلام ابن القيم فى الاعلام
" مراتب المحرمات أربع مراتب
وقد بدأ بأسهلها وهو الفواحش
ثم ثنى بما هو أشد تحريماً منه وهو الإثم والظلم
ثم ثلث بما هو أعظم تحريماً منهما
وهوالشرك بالله سبحانه
ثم ربع بما هو أشد تحريماً من ذلك كله
وهو القول عليه بغير علم
وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم
في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه "
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية
{ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}
[الأعراف:33]
( أي من الافتراء والكذب من دعوى
أن له ولداً ونحو ذلك مما لا علم لكم به)
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير اية
(ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم )
( في الاية دليل على المنع من الجدال لمن لا علم له،
والحظر على من لا تحقيق عنده )
فقال عزوجل
" ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون
فيما ليس لكم به علم "
وقد ورد الامر بالجدال لمن علم وأيقن
فقال تعالى
" وجادلهم بالتي هي أحسن "
[ النحل: 125 ]
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
(ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذبًا
وإن كان لا يتعمد الكذب،
كما ثبت في الصحيحين
عن النبي صلى الله عليه وسلم،
لما قالت له سبيعة الأسلمية،
وقد توفى عنها زوجها سعد بن خولة في حجة الوداع،
فكانت حاملًا فوضعت بعد موت زوجها بليال قلائل،
فقال لها أبو السنابل بن بعكك‏:
ما أنت بناكحة حتى يمضي عليك آخر الأجلين
فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏(‏كذب أبو السنابل، بل حللت فانكحى‏)‏،
وكذلك لما قال سلمة بن الأكوع أنهم يقولون‏
إن عامرًا قتل نفسه وحبط عمله فقال‏:‏
‏(‏كذب من قالها، إنه لجاهد مجاهد‏)‏،
وكان قائل ذلك لم يتعمد الكذب، فإنه كان رجلًا صالحًا،
وقد روى أنه كان أسيد بن الحضير،
لكنه لما تكلم بلا علم
كذبه النبي صلى الله عليه وسلم‏ )
وقال عليه الصلاة والسلام
( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس،
ولكن يقبض العلم بقبض العلماء،
حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رُؤساء جهالاً،
فسُئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )
أخرجه البخاري ومسلم
قال ابن عباس رضى الله عنهما
( أتدرون ما ذهاب العلم من الأرض؟
قلنا: لا.
قال: أن يذهب العلماء.
وقال عليه الصلاة والسلام:
[ من قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار])
رواه ابن حبان.
ويقول الإمام أبو حنيفة
( من تكلم في شيء من العلم وتقلده،
وهو يظن أن الله عزَّ وجلَّ لا يسأله عنه
كيف أفتيت في دين الله؟!
فقد سَهُلَتْ عليه نفسه ودينه)
وهذا الإمام مالك لم يجلس للفتوى حتى شهد
له سبعون من جلة العلماء بأنه أهل لذلك.
وقيل لأبي عبدالله أحمد بن حنبل رحمه الله
( يا أبا عبدالله كم يكفي الرجل من الحديث
حتى يمكنه أن يفتي؟
يكفيه مئة ألف؟
قال: لا.
قيل: مئتا ألف؟
قال: لا.
قيل: ثلاث مئة ألف؟
قال: لا.
قيل: أربع مئة ألف؟
قال: لا
قيل: خمس مئة ألف؟
قال: أرجو )
وعن سفيان بن عيينة قال
( أجسر الناس على الفتيا أقلهم علماً )
وإن من أكبر الجنايات أن يتصدر المرء
للخوض في دين الله تحريماً وتحليلاً،
من غير علم ولا بصيرة،
وهذا مع كونه جناية عظمى
ففيه سوء أدب مع الله تبارك وتعالى،
حيث يتقدم بين يديه فيقول في دينه وشريعته ما لا يعلم،
وتلك والله أمارة ضعف الإيمان وقلة الديانة،
بل ونقص العقل والمروءة
قال تعالى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ}
[الحجرات:1]
عن إبن عباس، في قوله
{ لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}
يقول
( لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة )
( وهذا إمام دار الهجرة رحمه الله
يقدم عليه رجل من مسافة بعيدة،
فيعرض عليه أربعين مسألة،
فيجيب عن أربع منها
ويقول في ست وثلاثين مسألة منها:
الله أعلم
فيقول له الرجل
أنت مالك بن أنس ، إليك تضرب أكباد الإبل،
وإليك الرحلة من كل بلد،
وقد جئتك من مسافة بعيدة
وتقول: الله أعلم!
ماذا أقول لأهل بلدي إذا رجعت إليهم؟!
قال: تقول لهم: إن مالكاً
يقول: الله أعلم )
والخوض فى مسائل الدين بغير علم له عواقب جد وخيمة,
وما أهل البدع منا ببعيد,
فكثير من أهل البدع خاصة الفرق الباطنية منهم,
تجدهم يبنون عقائد كاملة على أباطيل لا تصح
الموضوع يتعلق أيضاً بنظرة كل منا إلى الدين
وكيف ينبغي أن تكون منزلته فى حياتنا
بمعنى
إذا أحتاج أحدنا لشراء طعام ,
فهل يذهب إلى أى بائع ليشترى منه ؟
الجواب : لا . .
ولماذا لا ؟
لأن الطعام مرتبط بصحتنا . .
وصحتنا غالية جداً عندنا ,
أليس كذلك ؟ بلى
لوأراد أحدنا شراء جهاز كمبيوتر . ..
هل يسأل قبلها عن أفضل مكان
وأفضل مواصفات وأفضل سعر ,
أم لا ؟
لماذا ؟
لأن جهاز الكمبيوتر الأن أصبح شىء مهم
لدى كثير منا سواء فى عمله أو بيته .
كذلك الدواء , كذلك كل شىء مهم فى حياتنا ,
ستجد الواحد منا عند الاحتياج إليه ,
يسأل ويستفسر أولاً قبل أن يستعمله
من هذا أقول : الدين أولى وأهم
فحفظ الدين مطلوب لذاته ,
لأن الدين هو من يوصلك إلى الله تعالى
ومن ثم عبور الأخرة والتنعم بالحياة الخالدة مع الله عز وجل ,
فأمر كهذا
( أمر يتوقف عليه مصيرك الأبدي )
أليس أولى أن نهتم به ؟
أليس أولى ألا نتلقاه إلا من الثقات ؟
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد
وعلى آله وأصحابه
ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
نسأل الله أن يحسن خاتمتنا وأن يرحمنا برحمته